قرايته ولا لأ؟؟؟ ( للمثقفين فقط)

معايا النهارده كتاب بجد جاااااامد جداً :lol!: :lol!:
لواحد من الكتٌاب الشباب و هو المؤلف " حسام مصطفى إبراهيم"
الكتاب اسمه يوميات مدرس في الأرياف!!!





الغلاف هو أول ما طالعني :joker: ، مزدحم بصور وتفصيلات يوجد ما يشرحها ويفوقها عدداً وخفة ظل داخل الكتاب. وبعبقرية استطاع الفنان "طارق عزام" أن يختزل اليوميات في الصورة التي اختار لها مركزاً يضمن أن ترسو عليه العين وحشر فيه كل العناصر المشاركة في صنع الدهشة والبهجة والصدمة والضحكة في الفصل: التلاميذ النائم منهم والسعيد الأبله والمغتاظ والمتأهب لإطلاق النبلة، بجانب حمار متأفف، ودجاجة فزعانة، وبطة هاربة، و"مشاكس" صديق "عبقرينو"، و"رشيدة" معزة "بكار" وقد جلست على الدكة مرتدية النظارة لتقوم بعملية الفهم من أستاذ يكاد يختنق كمداً وغيظاً. ومن الشباك الفقير تطل القرية مركز الكون بأبراج الحمام. :lol!: :lol!:

"وأخذ المدرسون – فيما بينهم – يفضفضون قليلا عما يجدونه من إهانة ونكران للجميل، وجحود مستمر من الجميع، ويتحسرون على الزمن الجميل الذي راح يوم كان للمدرس سعر وقيمة! ويرددون "الزبون والتلميذ دائما على حق"، وابعد عن التلميذ وغني له"، و"اللهم اكفني شر تلاميذي.. أما أعدائي فأنا كفيل بهم".. وكذلك "أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني". وتجد نفسك فجأة تتذكر بمرارة قول شوقي: قف للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا".

ها هو مدرس له قلم فنان يحكي لنا كواليس عالم المدرسين وعمايل التلاميذ ومشاكلهم ومقالبهم ومصائبهم وبلاويهم، وإذا كنا كطلاب وتلاميذ نشتكي دائما من مدرّسينا وما كانوا يفعلونه فينا، هذه المرة نقرأ ذات الحكايات من وجهة النظر العكسيّة! لكن لأن الكاتب مدرس ذو ضمير تدريسي حقيقي، فإنك ستنسى كونك طالبا وتتوحد مع الفريق المنافس ضد بني جلدتك! وهذه هي براعة الكاتب الحقيقية: أن ينتزعك من معسكرك لتنضم إلى المعسكر المضاد! :drunken:

ويأخذنا الكاتب عبر فصول الكتاب في رحلة تبدأ منذ وصول خطاب تعيينه في إحدى القرى في محافظة الدقهلية، مرورا باستلامه العمل، وحكاياته مع مشاغبات الطلبة، والمدرسين ذوي المصالح المتشابكة، والموظفين المتسلقين، وعمليات المراقبة على الامتحانات، وتصحيح الكراسات، ودفتر التحضير، والمشاكل مع أولياء الأمور المتذمرين دائما، ثم ينهي الكتاب بفصلين طريفين، الأول بعنوان إعلانات مبوبة، والثاني اختبار نفسي ليعرف القاريء إن كان يصلح للعمل كمدرس أم لا ! :scratch: - أقدر أقولكم بكل ثقة أن ربنا رزقنا بطب أسنان و رحمنا بدعاء الوالدين , أشكروا ربنا و بسوا ايديكم وش و ضهر -

والغريب أن المؤلف يحكي في بعض مواضع الكتاب بعض القصص المؤسفة التي حدثت له من قبل بعض مدرسيه وهو طالب، حتى أننا لا نملك إلا أن نتساءل: هل كُتب على العلاقة بين الطالب والمدرس في مصر أن تظل شائكة وعدائية إلى هذا الحد منذ قديم الأزل وإلى نهاية التاريخ؟ ومتى يمكن أن تقوم علاقة طبيعية بين الطالب والمدرس، علاقة تكون قائمة على الحب والاحترام من قبل الطالب، والحب والحنان من قبل المدرس؟ :sleep:

يمتليء الكتاب بحكايات عجيبة عن ناظر المدرسة المتخاذل، وعن مدرسين غريبي الأطوار، وأعتقد أن المؤلف لم يكن ليكتب هذه الحكايات إذا لم يكن واثقا تماما أن الكتاب لن يصل حتما إلى المحافظة التي يعمل فيها، خاصة وأنه يضع صورته على الغلاف الخلفي! :scratch:

هذا كتاب سيعجب العاملين بمهنة التدريس خصوصا، وكل من كان طالبا كثير التذمر والشكوى - يعنى أكيد حيعجبكم - وأراد أن يقترب من عالم الأعداء عموما، وكل من يحمل ذكرى لعالم المدارس أيا كان نوع هذه الذكرى، وسيعجب طلبة المدارس الحاليين أيضا، والذين سيعرفون من الكتاب مدى عمق معاناة أساتذتهم، الذين يعملون في ظروف صعبة وبأضعف الإمكانيات، ولهذا فيجب علينا جميعا أن نقف للمعلم ونفه التبجيلا، خاصة المعلم الذي يعمل في الأرياف!

من الشخصيات المحورية ف الكتاب طبعاً البيه المدير ..

البيه المدير! :bom:

بدأت الحكاية بتنبيهنا بحضور اجتماع للمدرسين في الفسحة التي تستغرق حوالي ربع ساعة، وفي هذا اليوم طبعاً وصلت الفسحة إلى قرابة الساعة نظراً لطول الاجتماع المهم المنعقد برئاسة الزعيم - أقصد السيد المحترم - ناظر المدرسة أطال الله عمره وجعله زخرا للبلاد والعباد!!
بدأ الاجتماع بـ"كل سنة وحضرتكم طيبين يا سادة"، وهذا بسبب إن الترم الأول انتهى و"اللي فات مات" حيث علق سيادته على عدم انتظام المدرسين وحضورهم دائما متأخرين وعلى فكرة سعادته يأتي إلى المدرسة على الساعة التاسعة رغم أن ميعاد المدرسة السابعة إلا الربع، وذلك على ما يفتكر إن هناك مدرسة وهو مديرها..
فالبيه المدير ينام كل يوم الساعة الثالثة صباحا بعد قضاء السهرة المحترمة وبعد اطمئنانه على أحوال وأخبار المجموعات وفلوسها، وباقي كام رقم جلوس مع كل فرد من أفراد العصابة - آسف مع كل مدرس من المدرسين - اللي ماسكين المجموعات؛ فالمدرس يحجز رقم جلوس الطالب إلى حين إحضار الكاش ماني cash money كاملاً..
حيث إن الطالب يأتي بفلوس المجموعة كل شهر ناقصة مرة خمسة جنيه و"أبويا بيقولك معييش غيرها"، ومرة يقول: "كفاية عشرة جنيه وخللي الاتنين جنيه عليك مش هتفرق"، و"هي في بيتها"..

يا تدفعوا الفلوس يا إما...

أما في الشهر ده بقى فرصة أو موسم زي ما بيقوله الورقة تساوي خمسة عشر جنيه كاملة أي بدون معلش وخليها عليك.. الكلام ده أوانه فات، يا الفلوس كاملة يا إما......
وأنت عارف طبعا كل ده بتوصية من الزعيم، وبيقول أنتم عارفين الإدارة عاوزة النسبة وخلص ملهاش دعوة حد دخل المجموعة ولا لا، وكذلك لم يغفل إنه لازم يأخذ نسبة المدرسة علشان خاطر العمال والسكرتير، (كله لازم ينوبه من الحب جانب).. ويتحجج سعادته إن "مدرسين الأجر" ملهومش مرتب دائم، وإنه بيتأخر، والمدرسين الغلابة يصرفوا منين يا حرام، ففلوس المجموعات هي المتنفس الوحيد لهؤلاء المدرسين..

ومن المواقف الأخرى التي تعجبت لها عند دخولي إلى أحد الفصول التي أقوم بالتدريس بها في الصف الخامس الابتدائي وما بالك بطالب هذه المرحلة الذي يتلقى المعلومة ويخزنها ويحفظها عن ظهر قلب لثقته البالغة في مدرسه الذي يعطيه المعلومة ويقوم بإعطائه الأسس التي يبني عليها مراحله التعليمية القادمة ويزرع فيه قيم وأخلاق تظل معه طوال حياته..

غش يا أبني أنت وهو!

تخيل هذا المدرس الفاضل المحترم وهو يقول لطلاب الفصل إن الامتحان يعتبر كربة من الكرب، ويكمل المدرس المبجل: "يجب على الطلاب أن يفرجوا كربة إخوانهم الطلاب في الامتحان" :cheers: ، وأي أن المدرس المحترم وجد مخرجاً لعملية الغش في الامتحان وأعطاها شكلا دينيا وإطاراً شرعياً!!
هل هذا يعقل؟!.. لقد صعقت عند سماعي هذا الكلام من الطالبة ذات الحادية عشر عاما التي اعتبرت كلام مدرسها (قدوتها) مبدأ عاما شرعيا تسير عليه هي وزملائها، فحاولت إنقاذ ما يمكن إنقاذه مع الطالبة، وحاولت أعرف اسم ذلك الفيلسوف العبقري صاحب هذا المبدأ، فقالت الطالبة: "لا يهم يا أستاذ المهم قولي الكلام ده صحيح؟!"

طولت عليكم .... صح ؟؟
معلش .... بس الحدوته دى علقت معايا بجد ...

بخفة ظلّ وأسلوب ساخر يحكي الكاتب عن بعض ما رآه وعاناه أثناء عمله كمدرس للغة العربية في إحدى قرى مصر المحروسة. بدءاً بمستوى التلاميذ الضحل، مروراً بعزمه على أداء مهمته المستحيلة مهما كلفه الثمن. وتنشأ المفارقات بين الغباء المزمن والمستفحل، وبين عِند كلا الطرفين؛ الأستاذ بإصراره على التعليم الصحيح والتلميذ على عدم الفهم أو فهم ما يروق له وإن كان خاطئاً:
- "إيه رأيك يا "شريدة" في موضوعنا؟"
فرد ببلاهة:
- "موضوع إيه؟" :suspect:
قلت له بصبر:
- "موضوع الفاعل اللي بيترفع بالضمة لما يكون مفرد وبالألف لما يكون مثنى.. هه.. موافق على الكلام ده؟"
فهرش في رأسه قليلاً وقال:
- "لأ طبعاً يا أستاذ.. إنت عايز تغلطني ليه؟.. الفاعل طول عمره مجرور بالفتحة" :cyclops:
فصحت من شدة البهجة، وأنا أسمع صوت انفجار أجهزتي الداخلية جهازاً جهازاً، وتحول مخي إلى "مهلبية" :suspect: :
- "برافو "شريدة"، حيّوه يا أولاد، أهو إنت كده حليت الإشكال ببراعة"
وصفق التلاميذ لـ"شريدة" العبقري، وقد سرّهم أخيراً، أننا وصلنا لحــل وسط، وأنا أهرول من الفصل قبل أن تنتهي الحصة، حتى لا أسقط ميتاً بالسكتة القلبية‍!

و فى الأخر الكتاب أصدار " دار ليلى " ضمن سلسلة " أول سطر "
لمعرض كتاب القاهرة 2008 ... و لكنه موجود فى الأسواق